الاثنين، 24 أبريل 2017

الطفرة الجغرافية في مجال نظم المعلومات الجغرافية والعلوم الحديثة



الطفرة الجغرافية في مجال نظم المعلومات الجغرافية والعلوم الحديثة


الجغرافيا مصطلح طالما ارتبط بالخرائط الورقية ورسمها وتحديد مواقع الدول والعواصم والمشاكل السياسية التي تنشأ بين الدول المختلفة كالمشاكل الحدودية ومشاكل البيئة والمناخ والأمن الغذائي وغيرها من التفريعات التي تتبادر في أذهاننا عند وصول أصداء هذه الكلمة إلى مسامعنا .
لم نتصور سابقاً وحاضراً أن يتطور المفهوم الجغرافي أو لنقل المدرسة الجغرافية القديمة التقليدية إلى درجة أصبح فيها يواكب كل أشكال التقدم العلمي الحديث .
فالجغرافيا لم تنحصر الآن في قوقعة الخرائط الورقية أو البوصلة أو أدوات القياس القديمة بل أصبحت الجغرافيا مرتبطة بشكل أساسي بتكنولوجيا المعلومات والحاسبات الآلية (الكمبيوتر) خاصة أن الأخيرة قد شهدت قفزات غير متوقعة في فترة زمنية قصيرة في مجال التقدم في برامج وأجهزة الحاسوب التي أصبحت مختزلة في أجهزة الهواتف الذكية أو الألواح الذكية المحمولة .
الآن أصبح البحث عن المواضيع الجغرافية والتحليل الدقيق للظواهر البشرية والطبيعية التي تحيط بنا من اختصاص "نظم المعلومات الجغرافية"
الآن نمتلك قواعد بيانات ضخمة حول الظواهر الطبيعية والبشرية التي نستطيع بسهولة الحصول عليها عبر أجهزة الملاحة العالمية أو الأقمار الصناعية ......
يمكننا الآن وضع العالم واختزاله في قواعد البيانات الجغرافية فنحلل ما نريد منها وهنا تكمن الأهمية الكبرى لنظم المعلومات الجغرافية وقواعد بياناتها الرقمية التي صممت لها برامج حاسوبية كثيرة ومتطورة جداً إضافة إلى سهولة استخدامها .
الأهمية تكمن في أن الجغرافيا أصبحت أماً للعلوم المختلفة بفضل اندماجها في الطفرة الحاسوبية ، فيمكننا الآن دراسة جميع العلوم الاجتماعية من خلال السلك الجديد للجغرافيا المعلوماتية أو الجغرافيا الحوسبية .
(علم الاجتماع) التجمعات البشرية وأسبابها يدرسها علم الجغرافيا المعلوماتية ويحلل تكتلها وانتشارها !
(علم النفس والجريمة) الجرائم في بعض المناطق دون أخرى تفسرها المعايير الجغرافية التي تكفل تحليلها البرامج المختصة في نظم المعلومات الجغرافية .
(علم الطب) انتشار الأمراض بشكل مفاجئ وزوالها وتكدسها وقربها من مكان دون آخر في فترة زمنية معينة يكف توضيحها السلك المعلوماتي الجغرافي .
(الأحياء) مثل الطيور وهجرتها الحيوانات والتزاوج والانتشار بالقرب من بعض المناطق واختفاءها من مناطق أخرى.
(التجارة  والاقتصاد) فتح المحلات التجارية والمشاريع ومواضع افتتاح المخازن والمطاعم والأسواق وعدد الأفرع المناسبة ونوعية النشاط التجاري .....
(إدارة الكوارث) مثل الزلازل والأعاصير والفيضانات وحوادث السير وحتى الحروب التي تحدث بشكل مفاجئ أو يتم التحذير منها مسبقا بالإمكان وضع الحلول لها عبر التحليل الرقمي في نظم المعلومات الجغرافية .
(التوزيع الجغرافي) الأفضل للطرق والمساكن والمصانع والمرافق والخدمات ......
(الدراسات المختلفة) بالإمكان ومن خلال نظم المعلومات الجغرافية والحاسبات المتطورة خدمة كافة البحوث والدراسات في العلوم الطبيعية والتطبيقية مثل دراسة ظاهرة السمنة وارتباطها بالمطاعم وبعد النوادي الرياضية بل بالإمكان تحديد أفضل مراكز طبية لمرضى السكر بحيث يتم انقاذ مرضى السكر من خلال الربط الزمني الذي يحتاجه مرضى السكر للبقاء على قيد الحياة ....
الإحصاء والعمليات الإحصائية دخلت هي الأخرى مع خط التقدم الحوسبي لنظم المعلومات الجغرافية ، فأصبح الإحصاء عاملاً مهما ضمن العلميات الحسابية والاحتمالية التي تتضمنها برامج نظم المعلومات الجغرافية وكلها تدخل في شكل مباشر بتحليل الموقع الأنسب وتحدد مدى توافق أو تخالف دراسات الجدوى لدى المستثمرين ورجال الأعمال أو في أي مجال حكومي ومؤسسي كمراكز التعليم والمستشفيات .... من خلال الإحصاء والنماذج الشبكية في البرامج المعلوماتية الجغرافية إعطاء الكثير الكثير من الخيارات على مستوى اتخاذ قرار دولي أو فردي .
-          أين أفتح محلي التجاري ولماذا (بقرب طرق رئيسية) ، بقرب السواحل ، بقرب المصانع ....
-          تحديد المنافسين القريبين والبعيدين !
-          هل الأرض التي سأقوم بإنشاء مشروعي صالحة لذلك الاستخدام وبالتالي سوف نعرف أنواع الاستخدامات المختلفة للأراضي .
-          في مجال الشبكات والطرق والاتصالات والكهرباء وتوزيع شبكات المياه أصبحت فرعاً من فروع دراسة نظم المعلومات الجغرافية. فأنا أريد أن أعرف أسرع طريق بين مكانين ! وأريد أن أعرف أسرع طريق لوجهتي ! كم هي المسافة ! هل الطريق مزدحم ! هل هناك خيارات أخرى لتحويل فوج من السيارات ! .
لم تقتصر نظم المعلومات الجغرافية الآن فقط على ما ذكرناه بل قفزت قفزة كبيرة جداً في مجال الأقمار الصناعية وأجهزة الاستشعار عن بعد والطائرات والمرئيات الفضائية كلها ارتبطت في مجال التحليل الجغرافي وأصبحت مزوداً له في بيانات دقيقة جداً كالمجالات العسكرية والأهداف الاستراتيجية أو المجال الزراعي أو دراسة الشعب المرجانية .... بمعنى أن الصورة الخلوية دخلت هي الأخرى ضمن العلميات التحليلية في برامج نظم المعلومات الجغرافية .
الآن نستطيع ومن خلال الطائرات الصغيرة (فانتوم) أن نحلق إلى الارتفاعات التي نريدها فنحصل على الدقة المطلوبة لأي ظاهرة طبيعية وبشرية وهذا يعني ارتباط نظم المعلومات الجغرافية بالتقدم في مجال الطيران على المستوى الشخصي أو المؤسسي الحكومي ، حيث توفر هذه الأجهزة المسحية جهداً ووقتاً قليلاً في الإلمام بموضع الدراسة أو المشاريع المختلفة أو المكان قيد البحث أما التكلفة المالية فهي الأخرى سوف تنخفض بشكل كبير جداً بسبب الحاجة إلى توفير الأجهزة المختلفة والنزول الميداني .....
تكلمنا كثيراً عن المكان والمواقع على اعتبار أن العامل الرئيسي لدراسة الجغرافيا هي "المكـــــان" وتطرقنا إلى المال والجهد والوقت والمسافة والإحصاء .... ولا يمكننا ترك عنصر "الزمـــــان" في الدراسات الجغرافية ، فمن خلال البرامج المتطورة في المجالي المعلوماتي الجغرافي أمكننا قراءة سلسلة تاريخية من خلال الطبقات الزمنية المختلفة التي مر بها موقع ما أو منطقة ما كالهجرة والتحضر والنمو العمراني والتغير البيئي وتغير المساكن وآثار الأمراض والكوارث .. والغزوات والحروب والتغير في التقسيمات الحدودية .... أو حتى التغير الطبيعي للجبال والأنهار .... أو دراسة الشعوب والثقافات والتطورات البيولوجية والمواقع الأثرية عبر مر الزمن ...خلال فترات زمنية متصلة أو منفصلة وهذا يجعل الزمن بدل أن يختزن في صفحات الكتاب يجعله ينزع لباسه الاعتيادي لنرى الأحداث الزمنية من خلال نظم المعلومات الجغرافية .
على ضوء ما تقدم لم نتخيل أن تتحول الجغرافيا في يوم من الأيام بهذه الصورة التي مزجت بين الجغرافيا والعلوم الطبيعية والتطبيقية الأخرى لذلك من الضروري إعطاء هذا الفرع الجديد مجالاً كبيراً ليحط في مكانه المناسب خاصة في الدول العربية والخليجية بالأخص كي يحقق أهدافه التي صنع من أجلها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق