جامعة الكويت
أزمة قانون أم أزمة تفكير !
نعرف كطلبة أن الدساتير في العالم تنقسم إلى
قسمين ؛ جامدة ومرنة ، فالدول ذات الدساتير المرنة تطور دساتيرها بما يتلاءم مع
مصلحة بلادها على المستوى الخارجيّ أو المستوى الداخليّ الذي ينصب في مصلحة الشعب
وأفراده الذين يرجع ولاءهم وحبهم لأوطانهم .
كذلك نعرف أن الدول ذات الدساتير الجامدة
تسعى دائما لتغيير بعض القوانين رغم صعوبة تلك الاجراءات ولكنها تسعى حثيثاً
لمواكبة التغيرّات الداخلية والخارجية ، والكويت على سبيل المثال وكما في التصنيف
السياسي هي من النوع الثاني (الدساتير الجامدة) ولكن نرى عدة محاولات من أعضاء
مجلس الأمة إصلاح وتطوير بعض بنود الدستور فتمحوا بعضها وتثبت البعض الآخر في
عملية نسخ وإبدال لتكوين بنية صالحة من القوانين تحقق للدولة والشعب التطور والرقي
وتغدقه بالرفاهية والراحة .
بجامعة الكويت لا نرى نروح الإصلاحات في
قوانينها ، فقوانين الجامعة تذكرنا بآخر التطورات الدستورية بدولة الكويت في مستهل
التسعينات ، وإذا ما شُرّع قانون فإنه يتخذ جادة الانحدار بما لا يتلاءم مع مصلحة
طلبة جامعة الكويت .
لا أقول هذا الأمر تعنتا أو تعصباً أو في
حالة من الغضب والحنق على تلك القرارات المتوارثة في أعقاب المسؤولين لأوراق تنقل
من درج إلى آخر . وإنما أنقل معاناة الكثيرين من الطلبة الذين كنا نرى بعضهم يخر
باكياً لأنه تأخر عن التخرج بسبب أزمة الشعب المغلقة أو سوء التنظيم الإداري
وانتهاج سياسة غير مجدية لا تخدم الطلبة لا من بعيدٍ أو من قريب .
عندما يتخرج الطالب من مرحلة الثانوية فإنه
يُقدم على اختبار القدرات (اللغة الانجليزية والعربية والفرنسية والرياضيات) بحسب
متطلب كل كلية في جامعة الكويت .
يُقدم الطالب على الاختبار وبالطبع الطلبة
والطالبات ليسوا كأسنان المشط الواحد، فمنهم من يجيد العربية والانجليزية
والفرنسية ومتميز في مادة الرياضيات، ومنهم على الخلاف من ذلك مستواه قد يكون
متردي أو ضعيف في مادة من مواد القدرات ، أو قد تكون الربكة وعامل الوقت لا
يسعفانه للنجاح في اختبار القدرات ، والبعض لا يهتم مطلقاً بالاختبار لأن معدله
عالٍ جداً فالمعدل المكافئ لم يمنعه من الالتحاق بجامعة الكويت .
وهناك عدة علامات استفهام على بعض نتائج
اختبار القدرات !
فالطالب الذي يجتاز مادة اللغة الإنجليزية لا
يأخذ مادة التمهيدي 8899
والطالب الذي يجتاز اللغة الفرنسية لا يأخذ
مادة التمهيدي الفرنسي .
والطالب الذي يجتاز اللغة العربية ليس له أية
امتياز فهو ملزم بمواد اللغة العربية كمادة (مهارات الاتصال ، وجماليات الأدب
العربي) !
وهذا بحد ذاته تناقض وازدواجية في القرارات
بجامعة الكويت ، فالطالب الذي اجتاز اختبار القدرات في اللغة العربية قد تمكن من
النحو والبلاغة والصرف فلماذا يعيد تلك المادة مجددا في مقرر مهارات الاتصال (وهي
مادة تختص بالنحو والصرف والبلاغة والقواعد العربية !) بينما في اللغة الانجليزية
والفرنسية لا يكون ذلك على الرغم أن اللغة العربية أصعب كقواعد ومباني من اللغتين
الفرنسية والإنجليزية !
يَشرع الطالب الذي لم يجتاز مادتي اللغة
الانجليزية والفرنسية في الدراسة بأخذ المقررات المطلوبة منه ونقف أمام مفارقة بين
مادتي اللغة الانجليزية واللغة الفرنسية ، فالطلبة الذين لم يجتازوا مقرر
الانجليزية (الطلبة المستمرون) يحق لهم إعادة اختبار القدرات من جديد كفرصة لهم
لأن مواد التمهيدي تعادل (9) وحدات أي ثلاثة مواد ، لذلك فإن الطالب في بداية أول فصل
دراسي له يوضع بين خيارين إمام أن يختار مادة التمهيدي في الفصل الواحد أو مادتين
بدل التمهيدي ثم يحق له أخذ التمهيدي مع (3) مواد في فصول دراسية أخرى ، أو (4)
مواد إن كان متوفقاً .
أما وجه المفارقة أن الطلبة الذين لم يجتازوا
اختبار اللغة الإنجليزية وهم طلبة مستمرون ولم يأخذوا إلى الآن مادة التمهيدي لا
يحق لهم إعادة الاختبار ، بالرغم أن مادة التمهيدي تعاني من اكتظاظ لذلك غالبا ما
تكون مغلقة ، أما اللغة الفرنسية فالإقبال عليها قليل بجامعة الكويت !
فالسؤال من الأولى بإعادة الاختبار !
هل هم طلبة اللغة الانجليزية ! الذين يعانون
من شعب مغلقة ، وبذلك يخفّفوا على الطالبة الآخرين وتكون لهم فرصة لإعادة اختبار
اللغة الانجليزية (التمهيدي) وبمبالغ مالية تسند ميزانية جامعة الكويت ! وأيضا سوف
يخفف الضغط على الشعب المغلقة لأن الكثير من الطلبة سوف يتجهون إلى إعادة الاختبار
، وبذلك نتخلص من أزمة الشعب المغلقة !
أم الأولى هم طلبة اللغة الفرنسية الذين
يقلون كعدد عن أقرانهم ممن يرغبون في إعادة اختبار القدرات في اللغة الإنجليزية !
إنها لمفارقة عجيبة نراها تتجلى في القرارات
الإدارية في جامعة الكويت دون أدنى أية إصلاح أو محاولة لتخفيف العبء عن طلبة
الجامعة ، علما أن مادة التمهيدي تأخذ حيّزاً كبيراً في جدول الطالب وقد تحرمه من
أخذ الكثير من المواد التي تتضارب مع جدوله لأن المادة تدرس خمسة أيام وبمدة ساعة
وخمسون دقيقة ، لذلك من الطبيعي أن تتضارب مع مواد مهمة .
الجزء الآخر من سلسلة أزمة القرارات هي "المعادلات"
يسمح قانون جامعة الكويت للطلبة الذين حصلوا على مواد من جامعات أو معاهد وكليات
معترف بها بالمعادلة مع تلك المواد المقررة في جامعة الكويت بشرط أن تشكل لجنة لكل
مادة في كل كلية تقوم بمعادلة المواد والنظر بمدى مطابقتها مع المواد المجتازة وفي
حال التطابق والتوافق بين المادتين يتم أخذ ورقة "فورمة" رسمية يتم
تعبأتها من قسم التسجيل وتوقع ثم تُبعث إلى أقسام الجامعة ليتم توقيعها من رئيس
قسم كل مادة ويتم اسقاطها من جداول الطلبة دون احتساب أي معدل عليها .
إلى هذا القدر فإن القرار والإجراء بحد ذاته
سليم ويلاءم الطلبة لأن الطالب قد تعب وسهر ودرس واجتهد حتى اجتاز تلك المواد خاصة
إذا كانت تلك المواد قد تم اجتيازاها من جهات أكاديمية موثوقة من جامعات معترف بها
من قبل جامعة الكويت أو معاهد التعليم والتدريب التطبيقي في الكويت أو أي جهة أخرى
.
ولكن الجامعة تقف في مفارقة أخرى مع الطلبة
في قرارات غير مبررة ، فالطلبة الذين تُعادل لهم تلك المواد يجب أن يقدموا أوراقهم
الأخيرة (الشهادة الأخيرة ، كالدبلوم ..) كي تتم عملية المعادلة وأيضا يوضع على
تلك الطلبة بعض الأغلال والقيود فالمعادلة لا تتم إلا في أول كورس وقبل أن يدخل
الطالب في مرحلة الدراسة .
أما طلبة الدبلوم وحملة الشهادات الأخرى
الذين أخذوها من جهات موثوقة ولكن معدلهم لم يسمح لهم أن يكملوا بتلك الشهادات في
جامعة الكويت وبالرغم أنهم اجتازوا المواد وبالرغم أن اللجان الفنية بجامعة الكويت
والتي تتشكل من كبار الأساتذة يقولون بأن الطالب لا يحتاج لإعادة تلك المواد لأنه
اجتازاها ، إلا أن قرارات الجامعة تقف بالمرصاد أمام أولئك الطلبة ، فما دام
الطالب قد أعاد شهادة الثانوية وقّدم عليها في الجامعة فلا اعتبار للمواد الذين
درسها وتعب عليها وأخذها من جهات توثقها جامعة الكويت بل تسمح بمعادلتها إذا ما
قدّم الطالب على الجامعة بنفس المؤهل الأخير .
ولا سبيل المثال وللتقريب ، لو كان الطالب
يمثل الطرف المدين ، والجامعة تمثل الطرف الدائن ، بمبلغ (5) دنانير ، وطالبت
الجامعة الطالب بالمبلغ، فأخرج الطالب المبلغ من الجيب الأعلى ، ورفضت الجامعة
(الطرف الدائن) المبلغ وقالت له نريد المبلغ من الجيب الأسفل من ملابسك !
فهل يُعقل هذا الطلب من جامعة الكويت !
بالتأكيد لا معنى لذلك الطلب ، فالطالب قد اجتاز المادة ودرسها وتعب عليها بمجهوده
والجهات التعليمية مصادقة على تلك الدراسة ، فسواء قدّم الطالب على شهادة الدبلوم
أو قدّم على شهادة الثانوية وقد اجتاز من قبل الدبلوم فلا فرق نهائياً لأنها
(المادة = المبلغ) تم اجتيازه ويعادل توصيف وأهداف مقررات المماثلة بجامعة الكويت
وأساتذة المقرر واللجنة الفنية المسؤولة عن المعادلة تقول بأن الطالب لا يحتاج
لإعادة تلك المقررات . فلماذا تمنع جامعة الكويت الطلبة من معادلة المواد (فقط لأن
الطالب قدّم على شاهدة الثانوية ولم يقدم على الدبلوم) ! هل هذا مقنع لا بالطبع !
فهل نعاني من أزمة قانون أم من أزمة تفكير !
لماذا لا يتم تغيير تلك القرارات فقط وفقط
لأن الإدارة الفلانية اتخذت تلك القرارات ولا يسمح بتعديلها ، وهنا فإن الجامعة
تقول للطالب انتهى كل شيء دون سبب فقط لأن القانون هو القانون !
فإذا كنا كطلبة أكاديميون نتعلم لنرقى إلى
فهم الأسباب والعلل وندرس الأمور والمشاكل والظواهر بصورة شمولية ونسعى لإصلاحها ولتقديم
المنظور الأفضل نواجه بهكذا قرارات ليس لها أي مبرر سوى عبارة (القانون هو
القانون) !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق