السبت، 25 نوفمبر 2017

دورة العلوم Circle of Sciences

دورة العلوم
Circle of Sciences
التصفح في العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية سوف يُوقفنا على قطبين متجاذبين يشملان كل الأقسام المندرجة تحت العلوم الطبيعية والأقسام المندرجة تحت العلوم الإنسانية حيث نقف تحت ظِلال الوحدة البنيوية للعلم، بُنية تتماسك فيها كل أطراف المعرفة وتتجلى خلالها أسمى معاني الاتساق.
وحدة المنظومة العلمية في شقيها الطبيعي والإنساني تُوجهنا إلى أن آلية العمل والديناميكية التي تجري من خلالها الظواهر الطبيعية والسلوكيات الإنسانية والحقائق المعرفية تعمل بذات المبادئ والأسلوب والمنهج.
دورة العلوم مبدأ يتكون من دائرة قطرها 360 درجة تعود كما بدأت؛ مبدأ الولادة المرحلية للعلم ثم مرحلة النضج والشباب انتهاءً بمرحلة الشيخوخة والهرم.

حياة الإنسان تبدأ من ضعفٍ وعجزٍ وقلة حيلةٍ ثم تتدرج إلى مرحلة الطفولة مروراً بمرحلة الشباب والفُتُوّة ثم تنتهي الدورة بمرحلة الهرم والشيخوخة والموت وما تفتأ أن تنتهي هذه المرحلة حتى تعودَ مجدداً من نفس المربع الذي انطلقت منه.
العقل كذلك يتزامن في سيره مع دائرة النمو الإنساني، فالطفل في بداية الدورة العمرية لا يعلم شيئاً ثم ينضج فكرياً ويقف في نهاية الدورة إلى الشيخوخة والنسيان وضعف الذاكرة والخرف.

الحشرات تمر بذات االدورة، فالفراشة مثلاً تبدأ من البيضة ثم اليرقة ثم الشرنقة ثم خروج الفراشة ثم فراشة بالغة، تموت الفراشة وتبدأ دورة جديدة.


النباتات تنضم إلى المجموعة الأحيائية التي تدور في ذات الفلك، فالفاصوليا على سبيل المثال تبدأ من بذرة فتتقدم بهيئة الجنين لينتقل هذا الجنين إلى مرحلة الجذور ومن ثم الخروج من الأرض وتتقدم هذه المرحلة إلى ظهور الأوراق ثم الأزهار وتنتهي في الدورة إلى ظهور الثمرة المحتوية على البذور.

البرمائيات كذلك مثل الضفادع والسلاحف والتماسيح، فالضفدع يبدأ رحلته قاطعاً أشواطاً في محيط دورته من بيضة وجنين وضفدع يافع انتهاءً إلى الضفدع البالغ!



 
طُحلب الفولفوكس الذي يعيش في المياه العذبة في صورة جراثيم بيضية والذي لا يتجاوز 1.6 ملم كذلك يسير مع دورة الكائنات الحية حيث يبدأ من تكاثر جنسي بين التعضي الذكري والتعضي الأنثوي ثم تظهر البيضة الملقحة وتتحول إلى بنتٍ حُرة حتى تصل إلى البنت الفتية، ثم ترجع إلى ذات الدورة وتتكرر!


 


 
الجيولوجيا (أي الجمادات) مثل الصخور والمعادن والتضاريس ليست بمنأى ومعزل عن الدورة الأحيائية حيث يجري عليها ما يجري على الدورات الأحيائية.
تبدأ دورة الصخور من خلال الترسبات التي تأتي من عوامل التجوية حيث تتكون الصخور الرسوبية وبفعل عوامل الضغط والحرارة تتحول الصخور الرسوبية إلى صخور متحولة ثم تنصهر الصخور المتحولة وتتحول إلى ماجما حيث تصعد هذه الماجما إلى الأعلى فتبرد وتتكثف لتتحول إلى صخور نارية في شكل براكين وأشكال أخرى فتذوب الصخور النارية وترجع إلى باطن الأرض لتعيد ذات الدورة بنفس الآلية.

الماء وهو العنصر الأهم في بقاء واستمرار الكائنات الحية بعد الهواء ينشأ في مراحل متعددة تبدأ وتنتهي من نفس النقطة، فالشمس تقوم بتسخين مياه البحار والمحيطات فتحمل الرياح بخار الماء فيتكثف ويشكل الغيوم المطيرة التي تُنزل الماء وتُكّون الأنهار والمياه الجوفية وتعود إلى المحيطات مرة أخرى وهكذا.

         



لو حلقّنا خارج الغلاف الجوي للأرض لنقف على القمر لوجدنا أن للقمر منازل تبدأ بالهلال ثم نصف (التربيع الثاني) ثم الاكتمال (البدر) ثم تنتهي بالهلال وهكذا يستأنف القمر دورته كل شهر على مدار السنة!


النجوم تتماثل في دورتها مع دورة حياة الإنسان فهي تبدأ نجم أولي كالجنين ثم تبدأ تشتعل في مرحلة شبيهة بمرحلة الرضاعة والشباب ثم يتحول النجم إلى عملاق أحمر (الكهولة عند الإنسان) حتى ينتهي إلى مرحلة الشيخوخة والتي تسمى (القزم الأبيض) ثم يموت النجم في نهاية مطافه وآخر محطاته!






الصناعة وعمليات التصنيع تمر هي الأخرى بدورة تبدأ من الحقل واستخراج المواد الخام ومن ثم النقل والتصنيع داخل المصانع ثم نقلها إلى الأسواق وبيعها ثم استهلاكها ورميها والقيام بإعادة تدويرها مرة أخرى ... وهكذا.


ختاماً : إن تأسيس أية دورة في أي مجال علمي أو فكري يفتح أفقا واسعا جداً يتذبذب بين القوة والنضج والضعف وهكذا، فكما استعرضنا في الأمثلة السابقة بشكل مختصر ليس على سبيل الحصر فإن أصغر الموجودات والتي لا تُرى بالعين المجردة حتى النجوم الكبيرة والقمر تربطها منظومة واحدة وآلية واحدة تدور وتدور حيث يلتقي أول الدائرة بآخرها!