الاثنين، 29 أغسطس 2016

جغرافية علم النفس



جغرافية علم النفس
الباحث الجغرافي أو المهتم بعلوم الجغرافيا أو الطالب الجغرافي قد تمر عليه الكثير من المصطلحات الجغرافية والعديد من فروع الجغرافيا أثناء قراءته أو دراسته تخصص الجغرافيا، مثل جغرافيا الطاقة والصناعة أو الجغرافيا الاقتصادية أو السياسية أو جغرافية السكان أو الجغرافية الطبية أو ج النقل ، والحضر ، الإقليمية ....
ولكن نادراً ما نسمع عن جغرافية علم النفس !!
عندما ذهبت إلى الجامعة وسألت عن التخصص المساند للجغرافيا فقالوا كل شيء مسموح به عدى علم النفس فلا علاقة بين الجغرافيا وعلم النفس !! وعندها انتابتني حالة من الغرابة ليس من موظف التسجيل وإنما من اللجنة العلمية أو المسؤول الأكاديمي الذي أصدر هذا القرار بناءً على ماذا ؟؟
من هذا الموقف انطلقت نحو قراءة عامة لعلم النفس ومواد الجغرافيا وهو التخصص الذي أدرسه في الجامعة وأطلع على مصادر خارجية فيما يتعلق به .
فوجدت أن علم النفس السلوكي أو علم النفس الصحي وبالمقابل وجدت في الجغرافيا مقررات تحت مسمى "الجغرافيا السلوكية" [1]
وببساطة فإن الطالب الجغرافي أو القارئ المبتدأ في هذا العلم يجد أن الجغرافيا تدرس "علاقة الإنسان ببيئته المحيطة به" فالجغرافية تدرس علاقة الإنسان بالبيئة والعكس ومدى تأثير كل منهما على الآخر"
هذا التعريف بحد ذاته يؤسس إلى فهم يرشد بأن الإنسان البيولوجي والنفسي "الفيسولوجي" هو مناط الدراسات الجغرافية .
والمطالع في كتب علم النفس وما يتعلق منها بالجانب المعرفي والسلوكي أو ما يعرف بـ "علم النفس البيئي" يدرك تماماً أن علم النفس لم يهمل دور المكان والبيئة في تكوين شخصية الإنسان وتأثيره عليه . وهذا لا يختص فقط بين الجغرافيا وعلم النفس ، بل بين كل التخصصات حيث كل تخصص لابد وأن يرتبط بتخصص آخر من جانب أو زاوية من الزوايا العلمية أو الأدبية أو الطبيعية .
فالدراسات الجغرافية والنفسية تقدم صورة عن علاقة متبادلة بين التخصصين ، فالشعوب التي تعيش بجانب السهول والسواحل تكون نفسيهم ألطف وأجسامهم ألين من الذين يعيشون فوق الجبال الوعرة والشاهقة وفي أعماق الصحراء فهم أشد قوة من الناحية الجسمانية وأغلظ في التعامل .[2]
          أما في الجغرافيا السياسية ، فإن رؤساء الجيوش كانوا لا يقبلون بالعيش في المناطق الخضراء لأن لها انعكاس نفسي على تضعيف نفوس الجيش .
          وإذا ما ذهبنا إلى المناطق الريفية أو المناطق الخضراء العشبية نجد أن الدراسات الطبية والنفسية تشجع على العيش أو العلاج النفسي في تلك الأماكن التي يغلب عليها الطبيعة والهواء النقي والهدوء وكل العناصر الطبيعية التي تخلق عند الإنسان حالة من الأمن والاستقرار النفسي .
          وفي المقابل فإن الشعوب في بدايتها بل حتى في هذا اليوم تنتكس نفسياً وتعيش حالة من التوتر والقلق إزاء عدم حصولها على مساكن تحتضنها وتأويها من البرد والحر والمطر والأعاصير.... ومن اللصوص وقطاع الطرق والحيوانات المفترسة وهذه مجتمع تمثل أحد أهم الأسباب التي تولد القلق النفسي الذي ينعكس هو الآخر على صحة الإنسان وتُنشء لديه الأمراض النفسية والبيولوجية مثل الضغط وبالتالي الغضب أو القولون العصبي أو النسيان والشيخوخة ...
          على غرار المختصر الذي تقدم لا يمكن فك علم النفس بالجغرافيا بمعنى لا يمكن فصل العلاقة ما بين نفسية الإنسان وبين البيئة التي يعيش فيها . وإذا ما أراد الباحث الجغرافي التعمق في الأمثلة والنماذج والدراسات التي تربط العلمين (الجغرافيا) و (علم النفس) عليه أن يرجع إلى كتب التخصصين وسوف يلاحظ بوضوح عدم انفكاك أيً منهما عن الآخر .


[1] تعريف الجغرافية السلوكية : بأنها ذلك الجزء من الجغرافيا الذي يدرس العلاقات بين الأنسان والبيئه عن طريق تطبيق المنهج السلوكي المكاني . ويهدف هذا المنهج الى ربط النتيجه المكانيه بالسبب السلوكي ، بمعنى أن هذا المنهج يهدف إلى إرجاع الأنماط المكانيه للسلوك البشري إلى مسبباتها الأدراكيه الكامنه من العمليات الذهنيه
[2] يبقى الأمر نسبة وتناسب والأمر بشكل عام ولا يعني وجود ما ينقض هذا الاستدلال .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق