الخرائط المصرية
لقد
كان للمصريين القدماء أفقاً جغرافيا واسعاً خاصة في مجال الخرائط بسبب الاعتبارات
الاقتصادية والرحالات التجارية والجوانب السياسية والحربية لذلك فقد بذل القدماء
المصريون جهدا واضحاً وعظيماً ((لمعرفة منابع نهر النيل فقاموا برحلات نهرية
وبحرية كبيرة)) [1]
وفق أسس فنية وعلمية عالية جداً فربطوا البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر عبر
نهر النيل وهذا دليل كبير على التقدم الجغرافي عند المصريين القدماء . لا يخفى أن
للقدماء المصريين مع الشمال الأفريقي وغرب آسيا اتصالا مباشراً على اعتبارها
مركزاً تجارياً حيث أبحرت السفن المصرية منطلقة من مصر إلى البحر الأحمر ومن ثم
وصلت إلى المحيط الهندي .
إن
العالم على هيئة صحن منبسط يحوي حافة مضلعة، ويكون قعره أرض مصر الغربية المستوية،
أما الحافة المضلعة فهي تمثل السفوح الجبلية للبلدان الخارجية ، بحيث يكون هذا
الصحن ((عائم على ماء مالح وتوجد مياه عذبة أسفل هذا الماء وهي مصدر مياه النيل)) [2]
هو تصور المصريون للعالم .
لقد
تفنن المصريون الجغرافيون (القدماء) في رسم الخرائط فقد رسموا خريطة تمثل ((بحيرة
موريس وترعتها والمدينة الواقعة على ساحلها كما علموا خريطة للقطر المصري والبلدان
المتاخمة من أقطار أفريقيا)) [3]
وفي
الواقع فقد كان الدافع الحقيقي والأهم للمصريين لإنشاء الخرائط ورسمها هو ذاته
الدافع عند البابليين وهو تقدير الضرائب على الأراضي الزراعية ((التي كانت تغمرها
مياه الفضيان في كل عام، ومن ثم يعاد تخطيط هذه الأراضي بعد انحسار المياه عنها)) [4]
على
ضوء ذلك فقد وجد الباحثون عدة من اللوحات المصرية التي تعود إلى 1300 ق.م في عهد
رمسيس الثاني حيث توضح وتبين ((مواقع الأعمدة التي تحدد الأحواض النهرية والأقسام
الإدارية وحدود الأراضي الزراعية)) . [5]
ونتيجة
لمعرفة المصريين بعلم المساحة التفصيلية بشكل دقيق ومتقن منذ العصور القديمة ((عن
طريق تقسيم الأراضي غير المنتظمة الشكل إلى شبكة من المثلثات)) [6]
والتي تعرف بالمثلثات الشبكية فضلا أنهم استخدموا قياس أطوال الأراضي من خلال حبال
مقسمة ذات أقسام متساوية بواسطة ربط (عقد) والذي تطور لاحقاً بما يعرف (بالزنجير)
والذي كان له النصيب الأوفر زمنياً من حيث الاستخدام حتى استبدل بالشريط المنسوج
أو المعدني واستناداً على هذه الاعتبارات فقد احتوت خرائط المصريين على عمليات
مساحية دقيقة يسجل عليها مساحات الأراضي وأسماء المستأجرين .
إلى
جانب ذلك فقد اهتم المصريون ((بالبحث عن المعادن فرسموا خرائط لمواقع المناجم
والطرق المؤدية لها)) [7]
نتيجة
لذلك فقد تم العثور على خريطة مصرية تمثل مواقع المناجم والطرق المؤدية لها في
متحف تورينو بإيطاليا وتظهر أحد مناجم الذهب في بلاد النوبة حيث يرجع تاريخها إلى
1320 ق.م
خريطة لمنجم مصري قديم ترجع إلى سنة
1320 ق.م
|
وفي نفس المتحف توجد خريطة تمثل الطريق الذي ((سلكه
الملك سيتي الأول في حملته على سوريا ورجوعه منها منتصرا)) [8]
بردية خريطة تورينو و هي الخريطة المصرية القديمة التي تعتبر عموما من أقدم خريطة طبوغرافية على قيد الحياة تهتم بالعالم القديم فإنه تم رسمها على ورق البردي واكتشفت البردية في دير المدينة في الأقصر التي جمعها Drovetti برناردينو (المعروف باسم نابليون "الوالي) في مصر في وقت ما قبل 1824 م والحفاظ عليها الآن في متحف تورينو .
|
يوضح الجزء العلوي من الخريطة منجم ذهب الفواخير يظهر طوله 15 كيلومترا من وادي الحمامات و توضح التلال المحيطة بمنجم الذهب والمنجم تسوية في بير أم الفواخير وتوضح الوجهات لطرق الوادي والمسافة بين المحجر والألغام وموقع رواسب الذهب في التلال وأحجام كتل الحجر
ورغم كل ذلك المجهود الذي تركه المصريون في
مجال الخرائط لم يكن لهم إلا الشيء النزير في التراث الخرائطي بسبب استخدامهم ورق
البردي في رسم الخرائط وهي مادة سريعة التلف مع الزمن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق